|

٠٠  زيارة لحضرة الصمت ٠٠

الكاتب : الحدث 2022-06-07 12:39:49

ذات يوم سمع عن عودة صديقه بعد غياب عن القرية استمر لاكثر من عقد من الزمن فتحركت مشاعر الشوق للقاء ذلك الصديق فذهب لزيارته وكانت المسافة قريبه بحكم ان القرية صغيرة وبيوتها على عدد الأصابع !! 

كان يتخيل ذلك الصديق قبل غيابه عن القرية وكيف كان بشوشاً ابتسامته لا تفارق شفتيه وكان المرح سمته،  أخلاقه العالية تسبق كلماته عند أي لقاء !!! 

كان يتخيل ان اللقاء به سيكون غير عادياً نظراً لطول الفترة التي قضاها خارج القرية وهو بالفعل ماحدث !!!

استقبله استقبالة باهته لا تُعبر  عن حرارة اللقاء ولا شوق الفراق ولا لذكريات الصبا كلمات مقتضبة دارت بينهما وكأن الكلمات عبارة عن شرح طلب لدى مسؤول بإحدى القطاعات الخدمية اقتصرت على التحية والحمدلله على السلامة ومرحبا بك بين اهلك والرد بالمثل وكأن وقت الزيارة انتهى هنا !!!

اخرج ذلك الصديق هاتفه من جيبه وبدأ ينظر إليه ويضغط على ازرار وأرقام على شاشة ذلك الهاتف أطال النظر ولم يلتفت نحو صديقه او نحو من قدموا  لزيارته من أبناء القرية تارة يبتسم وتارة ً أخرى يكون واجما خلال نظراته لهاتفه !!! 

خَيّم الصمت على المكان وظن انه لا يوجد احدا ً سواه انتظر طويلاً حاول أن يجد مبرورا  لما يجري ظن ان صديقه تناسى وجوده ووجود من حوله !!! 

بدأ الملل ينتابه  وكأنه جالس بمفرده ليس هناك من يعيره اي اهتمام تنحنح بصوت ٍ مرتفع لكي يلفت انتباهه فالتفت إليه فقال استأذنك بالذهاب لديّ بعض العمل يجب أن أذهب حرّك راسه في إشارة أن رافقتك السلامة !!! 

خرج من عنده وهو افكر فيما حدث هل بدر من ناحيته شيء غير اسلوب صديقه في التعامل معه هل طرأ شيء على تحول فكره هل وهل وكثيرة هي الأفكار تراوده  غير أنه لم يجد 
 لها جوابا في حينه  !!! 

مرت أيام وأشهر وسنوات ولم يلتقي بصديقه ذاك سوى مرة او مرتين بعد أن تغيرت ملامح وجهيهما  وتقدم بهما العمر وفي مناسبات لم تكن قابلة للعتاب !!! 

وفي ثورة التقنية الحديثة اكتشف ان ما كان يشغل فكر صديقه عنه وعدم اهتمامه به عند اللقاء ان ذلك الصديق كان منهمكا في التواصل مع أصدقائه الذين تعرف عليهم من خلال الواتس اب في حين لم يعرف احد ٌ  بالقرية وقتها سوى الهاتف الناطق والذي يعرف اليوم بأبو كشاف !!! 

٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠